خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1432هجرية

الأحد، ٢٧ أبريل ٢٠٠٨

اللهم أرنا فيمن حبس الإخوان آية

صلاح سويلم شنان
قد يتصرف البعض في هذه الحياة ويظن أن الله تعالى يغفل عما يعملون ، وأنه في بعد عن الله تعالى، أو أن الله تعالى غاب عن هذا الكون وسلمه إلى ثلة من المجرمين والمفسدين.
قد يتصور البعض أن الله تعالى يمكن أن يتخلى عن أوليائه وحملة دعوته ورسالته، قد يتصور البعض أن إمهال الله لهم على الرغم من ظلمهم وبطشهم إهمال منه لهم وأنهم قد يفلتون من عقابه قد يتصور البعض أن محنا تقع وتصيب أولياء الله تعالى انتصارا للظالمين والطغاة إن لله تعالى سننا في هذا الكون تحكم حركة الكون والحياة، لا تتخلف ولا تتبدل أبدا.
ومن هذه السنن والقوانين :-
قانون الاستدراج يقول ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم ((فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54) أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ (56))، إن الظالمين الآن في غمرة ولكن حتى حين إنما يريد الله تعالى أن يجعلهم آية لكل ظالم مستبد ياتى من بعدهم ويسير على شاكلتهم – أي طريقتهم ومنهجهم وهذه النعم وهذه الجولات التي يظنون أنهم أحرزوا بها نصرا على المؤمنين وأولياء الله تعالى وبعض المكاسب الدنيوية إنما لتشغلهم عن طريق الحق فلا يبصروه ويفجأهم الله تعالى بنقمته وعذابه، يقول الشهيد سيد قطب –رحمه الله – (ذرهم في هذه الغمرة غافلين مشغولين بما هم فيه , حتى يفجأهم المصير حين يجيء موعده المحتوم .
ويأخذ في التهكم عليهم والسخرية من غفلتهم , إذ يحسبون أن الإملاء لهم بعض الوقت , وإمدادهم بالأموال والبنين في فترة الاختبار , مقصود به المسارعة لهم في الخيرات وإيثارهم بالنعمة والعطاء) كما طغى فرعون وتجبر وأراه الله تعالى الآيات البينات ،ولكنه أصر على جحوده واستكباره وإنكاره ومحاربته وملاحقته لأهل الحق والإيمان، فأخذه الله تعالى بذنبه، وأهلكه وجنوده ،وجعله لمن خلفه آية. ويا ليت كل الفراعين في كل عصر يعتبرون بمن سبقهم، ولكن على قلوب أقفالها.
إنها الحقيقة الغائبة عن المفسدين والظلمة والمستبدين والمتجبرين (( لن تفلتوا من عقاب الله أبدا لافى الدنيا ولا في الآخرة، ولابد وان يقر الله أعين المؤمنين، ويشف صدورهم بهلاككم ،والإنتقام منكم وجعلكم ءاية لمن خلفكم ))، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) .
يقول الشهيد –رحمه الله –( إنه الموقف الحاسم والمشهد الأخير في قصة التحدي والتكذيب . والسياق يعرضه مختصراً مجملاً , لأن الغرض من سياقة هذه الحلقة من القصة في هذه السورة هو بيان هذه الخاتمة . بيان رعاية اللّه وحمايته لأوليائه , وإنزال العذاب والهلاك بأعدائه , الذين يغفلون عن آياته الكونية وآياته مع رسله حتى تأخذهم الآية التي لا ينفع بعدها ندم ولا توبة .
فنقول لكل ظالم ومجرم في هذا الكون ( اعلم أن لهذا الكون إله مازال سبحانه وتعالى ممسكا بزمامه ومسيطرا عليه جل وعلا، وأنه تعالى لم يترك الكون لكم لتدبروا أمره، وتسيروا حركة الحياة فيه ) فإن ألوهيته لا ينازعه فيها أحد، ومن نازعه فيها قصمه وأهلكه، وجعله آية وعبرة. ونقول لمن حبس الإخوان وحرمهم حقوقهم وصادر أموالهم وممتلكاتهم بغير جرم ارتكبوه إلا أنهم ينادون بالإصلاح ويتطهرون ، ويقفون في وجه الفساد والمفسدين.
نقول لهم :- والله لقد ظلمتم الإخوان، وأن ظلمكم سوف يكون ظلمات عليكم يوم القيامة، وأن دعوات المظلومين من الإخوان، ومن أسرهم وأولادهم، وممن أغلقتم بيوتهم، لن تذهب سدى، وأن الله حتما سيستجيب دعائهم، فالويل لكم من انتقام الله تعالى، فقد ثبت في الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم - بعث معاذاً إلى اليمن وقال له : ( اتق دعوة المظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب ) رواه البخاري ومسلم .
كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن : دعوة المظلوم.. ) رواه ابن ماجه كما جاء في الحديث : ( اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام ، يقول الله : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) رواه الطبراني.
أليس من الظلم أن يحاكم الإخوان المسلمون أمام المحاكم العسكرية، ويحرمون من ابسط حقوقهم في أن يحاكموا أمام قاضيهم الطبيعي؟ ((مع إنهم يجب أن يكرموا ،ويفخر بهم كل مصري شريف، يحب هذا البلد، ويحرص على إصلاحه، ومحاربة الفساد فيه. )).
أليس من الظلم أن تحكم المحكمة العسكرية على المهندس خيرت الشاطر وحسن مالك وإخوانهم بسبع سنوات وعشر سنوات وو... ، يغيبون فيها خلف القضبان ظلما وبغيا؟ ((علما بأن القضاء المدني قد برأهم أكثر من مرة )).
أليس من الظلم أن يحاكم الإخوان طوال حياتهم أمام المحاكم العسكرية، ولا يحاكمون ولو مرة واحدة أمام قاضيهم الطبيعي؟ بل يحاكم القتلة، والمجرمون، والجواسيس، وسارقي البنوك، وأصحاب أكياس الدم الملوثة، وصاحب العبارة ،ومن قتل الشعب بسمومه، وأدويته المسرطنة أمام القضاء المدني .
أما الإخوان لأنهم يدعون إلى الإصلاح، ويقفون في وجه كل مفسد ،فيحرمون من ابسط حقوقهم. والذي يثق فيه الإخوان ،وتربوا عليه ،وءامنوا به، أن هذا الليل لن يطول، وهذا الظلام لن يستمر، وهذا الظلم لن يدوم، والله لابد لهذا الأمر من ءاخر.
((فإن مع العسر يسرا . إن مع العسر يسرا )) ولن يغلب عسر يسرين كما قال أسوتنا وقدوتنا (صلى الله عليه وسلم ) ولا تدرى أخي الحبيب ((لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا )).
http://sharkiaonline.com/detail.asp?iData=9778&CATEGORIES_ID=60

2 التعليقات:

حسن مدني يقول...

أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين

رحاله يقول...

بارك الله لك وعليك وجعل كل هذا فى ميزان حسناتكم
نقبل مرورى
جيلان

.صيحة حق © 2008 | تصميم وتطوير حسن