خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1432هجرية

الثلاثاء، ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٧

حقوق الأغلبية فى البلاد الإسلامية

بقلم :-صــــــــــــلاح شنــــــــــــــان
هناك دعوات صارخة في كثير من أنحاء العالم, تطالب الدول الإسلامية وفى القلب منها الدول العربية ,
باحترام حقوق الأقليات غير الإسلامية التي تعيش في بلاد المسلمين,
مدعين أنهم مجردين من ابسط حقوقهم, وأنهم في حالة رعب دائم من الأغلبية التي يعيشون في وسطها منذ آلاف السنين, وكأن الأغلبية في البلاد الإسلامية تنعم بكامل حقوقها .
إن الأقليات في العالم الإسلامي تريد أن تمارس نوعا من الاستبداد, والتعدي على كل حقوق وثوابت الأمة وقيمها وأخلاقها , تريد أن تحرم عليهم أن يتحاكموا إلى كتاب الله وشرعه ,
وتريد أن تحذف المادة الثانية في دساتير كثير من البلاد الإسلامية , وهى أن الإسلام دين الدولة الرسمي ,وان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع,
فكلما نادت الأغلبية بحقها الطبيعي في تطبيق الشريعة الإسلامية, نادت الأقليات وأين نحن ؟وكيف نعيش في ظل الشريعة الإسلامية؟ حقوقنا سوف تهضم, سوف نظلم, سوف نضطهد .
وانساق معهم وفى فلكهم كل مستبد يريد أن يحرم الأغلبية من حقها في ذلك, ويمارس عليهم استبدادا مرفوضا ,ويقولون وأين حقوق النصارى إن في البلد أقليات.
وكأن الشريعة الإسلامية هي شريعة الظلم والإستبداد, رغم أنهم وغيرهم عاشوا في كنفها ,وأمنوا في رحابها ,
ولم يأمنوا في أي مكان في العالم إلا في ظلها وعدلها وقسطها ,
ولكنهم دائما وأبدا لن يقروا بفضل الإسلام عليهم وعلى العالم أجمع ,
وإذا أرادت الأغلبية في العالم الاسلامى, أن ينال أبنائها قسطا من التربية الإسلامية في مدارسهم,
وان تكون التربية الإسلامية من المواد الأساسية, حتى تزرع في أبنائها قيم وأخلاق الإسلام العظيمة التي تؤمن بها ,
تسمع الصرخات والصيحات هنا وهناك, والأقليات والنصارى أين هم؟ وكيف ستدرس التربية الإسلامية في المدارس وفيها من النصارى من فيها ؟؟
فيحرمون ويجرمون على أبناء الأغلبية أن يدرسوا دينهم, ويتعلموا أخلاق دينهم .
ألا يعد هذا استبداد من كل النواحي؟؟؟
إذا أرادت المرأة أن ترتدي حجابها الذي فرضه الله عليها,
سمعنا الأقليات ومن يدور في فلكها من العلمانيين والمرتزقة, ينادون بأعلى صوتهم ,
أوقفوا هذه الظاهرة , يجب الوقوف في وجهها وصدها , يجب محاربتها والتصدي لها كما سمعنا من يقول (اننى سوف احزم حقاءبى وارحل عن مصر إذا وصل الإسلاميون إلى الحكم , وان ظاهرة الحجاب في مصر ظاهرة غريبة على المجتمع المصري ) والآخر الذي يريد أن ينشا قناة فضائية, يحارب بها الحجاب ,وهذه الظاهرة التي انتشرت في مصر.
وكأنه مباح للجميع أن يمارس حقوقه إلا المسلمين في بلادهم, وذلك من اجل الأقليات في بلادنا ,
ولا أعرف ما الذي يضير النصارى وغيرهم في البلاد الإسلامية من الحجاب؟ وممن ترتدي الحجاب؟ وتطيع أمر ربها وتعاليم دينها؟
وحتى لما طرحت جماعة الإخوان المسلمون برنامجها السياسي , وأكدت فيه مرجعيتها الإسلامية,
صرخ من صرخ وصاح من صاح , والنصارى والأقباط والأقليات, كيف سيعيشون في ظل هذه المرجعية ,
وكأنهم لم يعيشوا في ظلها من قبل وينعموا بخيرها وبركتها مع المسلمين .
مع أن برنامج الحزب الذي طرحته الجماعة, أكد على حق المواطنة,
وان المواطنين متساوون جميعا أمام القانون, ومتساوون في الحقوق, وفق القاعدة الإسلامية (لهم مالنا وعليهم ما علينا) ولهم كل الحقوق السياسية التي كفلها الدستور لكل المواطنين ,ليس هناك تفريق أو تمييز بسبب الدين أو الانتماء السياسي أو الفكري, فجميع المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية يكفلها القانون وفق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص,
ومن حق الأقباط وغيرهم لأنهم شركاء في الوطن أن يتولوا كل مناصب الدولة, ماعدا الرئاسة
حيث اختارت الجماعة نظام الدولة رئاسيا برلمانيا,
اعترض من اعترض وقال والأقباط لماذا لم يترشحوا ويتولوا الرئاسة أيضا؟ أليسوا مواطنون ؟
وهذا أمر غريب وعجيب, أن يطالب هؤلاء بالمستحيل في ظل وجود أغلبية مسلمة تريد أن تحدد لنفسها هوية وطنها وبلدها ,
ومعروف طبعا أن هويتنا وهوية البلاد العربية هي الهوية الإسلامية, لأن الأغلبية هي المسلمة ,ومن حق الأغلبية أن تحدد هويتها كما تريد,
ولا تفرض عليها الأقلية هوية لا ترغب فيها وترفضها, إلا إذا كان هذا استبدادا واستعبادا ,وهضما لحق الأغلبية يطالب به هؤلاء,
ولماذا لم نسمع صياحهم واعتراضاتهم على سياسات الدول الغربية تجاه الأقلية المسلمة هناك ؟
ألم يقل "توني بلير" -رئيس وزراء بريطانيا السابق- بطريقة سخيفة: (إما أن يقبل المسلمون قيمنا أو يتركوا بلادنا)؟
لماذا لم تسمح دولة الفاتيكان بتولى المسلم الرئاسة فيها ؟ذلك لأن الأغلبية من النصارى فيها من حقهم أن يختاروا هويتهم ويختاروا أيضا من يمثلهم, وينص دستورهم على ذلك.
وكذلك الأمر في إسرائيل ,
ألم تختار اليهودية هوية لدولتها المزعومة؟ هل من حق المسلم أن يتولى الرئاسة فيها ؟
أمور عجيبة وغريبة نسمعها من البعض بين كل فترة وأخرى, ليس لها هدف إلا إثارة الفتنة ,وتشويه الصورة المضيئة للشريعة الإسلامية, التي فيها السعادة والهناءة للجميع,

إن الأغلبية يجب أن تحظى بحقوقها كاملة في بلادها,ولا تحرم من حقها بسبب استبداد الأقلية,
التي تمارس هذا الإستبداد فكريا, وأيضا سلوكيا مستقوية بالخارج , وأيضا بعلمانيين الداخل, وهم أيضا أقلية متسلطة مستبدة, تريد أن تسلب الشعوب حقوقها, وتمارس عليها استبدادها ,بعناوين وأسماء براقة, لا تخدع إلا الجهلة والسذج من الناس.
أقول هذا الكلام في ظل واقع تعيشه الأغلبية المسلمة في بلادها لاتملك أيضا حق تقرير مصيرها, ولا تملك أن تختار من يمثلها ويحكمها , ولا تملك أن تحدد هويتها وتختارها بإرادتها الكاملة .بل تفرض عليها مرة العلمانية, ومرة أخرى الاشتراكية والرأسمالية, عناوين ترفضها الأغلبية, ولا تريد إلا عنوانا واحدا وهوية واحدة هي الإسلام ولا بديل عنه
.صيحة حق © 2008 | تصميم وتطوير حسن