خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1432هجرية

الأربعاء، ١٩ ديسمبر ٢٠٠٧

سنفرح بالعيد رغم الجرح والألم


بقلم :-صــــــــــلاح شنــــــــــــان
حينما يأتي العيد كل عام نحاول جاهدين أن نرسم البسمة على شفاهنا, وندخل الفرحة إلى قلوبنا ,ونسعد لحظات من حياتنا .
ربما يستطيع البعض أن يتغلب على نفسه فيفرحها ويسعدها , والبعض الآخر لا يستطيع أن ينسى نفسه أحزانها وأتراحها حتى في أيام العيد .
وحينما اقبل العيد في هذا العام, حاولت جاهدا أن أجد جوابا لسؤالي الذي اسأل به نفسي كثيرا
(هل يمكن لي أن اجمع بين الفرح والحزن في وقت واحد ؟)
هذا السؤال طرحته على البعض لعلني أجد إجابة شافية تريح نفسي من عنائها ,
فلم أجد الإجابة الشافية,
وخاصة أنني في يوم العيد يجب أن افرح, وهل شرع العيد في الإسلام إلا للفرح ؟
حاولت أن أجيب نفسي بطريقتي الخاصة, وأظن أنها هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تقنعني وتقنع أيضا الآخرين .
كانت الإجابة عن سؤالي هذا الصعب من خلال البحث في حياة أعظم الخلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم )- قدوتنا وإمامنا ومعلمنا-.
فحينما قلبت بعض صفحات حياته (صلى الله عليه وسلم ), وجدت ما اراحنى ,
فبرغم أن رسول الله وصحبه الكرام رضوان الله عليهم قد اخرجوا من ديارهم وأموالهم وأبنائهم,
وبرغم بعدهم عن بلدهم مكة- أحب البلاد إلى قلوبهم والى قلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم )- , واشتياقهم الشديد لها ,
برغم كل هذه الآلام التي كانت في قلوبهم, وجدت الفرحة طريقها إلى هذه القلوب الكبيرة, فاحتفلوا بالعيد وابتهجوا ,
فصلى رسول الله( صلى الله عليه وسلم )العيد في المدينة هو وأصحابه في العام الثاني من الهجرة, وشهد صلاة العيد مع الرجال الأطفال والنساء, لتعم الفرحة الجميع ,وكانت الفرحة تغمر كل بيت من بيوت المدينة ,

وخير البيوت بيت النبى (صلى الله عليه وسلم )
فتحدثنا عن ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فتقول: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعهما " فلما غفل غمزتهما فخرجتاوكان ذلك فى يوم عيد
وكانت أيضا هناك احتفالية أخرى متممة لهذا السياق, تحدثنا عنها أيضا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول:- وكان يوم عيد يلعب السودان بالدِّرَق والحِرَاب، فإما سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وإما قال: "تشتهين تنظرين"؟ فقلت: نعم ، فأقامني وراءه ، خَدِّي على خدِّه ، وهو يقول: " دونكم يا بني أرفدة " (لقبٌ للحبشة) حتى إذا مَلِلْتُ قال: "حسبك" قلت: نعم، قال: "فاذهبي" رواه البخاري ومسلم في كتاب العيدين من صحيحهما واللفظ للبخاري.

واستطاع الرسول (صلى الله عليه وسلم ) وصحبه رضوان الله عليهم ان يجمعوا بين الأمرين ,
الفرح والألم, وهذا أمر لايستيطعه كل أحد, ولايحسنه كل إنسان ,
إنما الذي يستطيعه فقط هم أصحاب القلوب الكبيرة, التي تستطيع أن تجمع بين الأمرين معا .

ذلك لأن الفرحة في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم )وصحبه رضوان الله عليهم, كانت فرحة منضبطة متزنة بشرع الله عز وجل.
كانت فرحة بفضل الله تعالى , ولله تعالى ,
(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )
بفضل الله تعالى عليهم أن هداهم للإيمان, وثبتهم على الحق, وجعلهم من جنوده والعاملين له وحملة منهجه ورسالته .

فرحة بالطاعة لله تعالى, والتوفيق لها ,
فأعيادنا إنما تأتى جائزة لنا بعد طاعة وعبادة لله رب العالمين , فعيد الفطر يأتي بعد عبادة الصيام, وعيد الأضحى يأتي تتمة لأعمال فريضة الحج .
والأمر الآخر والأهم, أن الرسول (صلى الله عليه وسلم )وصحبه رضوان الله عليهم, كانوا يحبون ما أحبه الله, ويبغضون ما يبغضه الله تعالى ,
فالله تعالى يحب لعباده في هذا اليوم أن يفرحوا ويرسموا البسمة على الشفاة, وأن يدخلوا الفرحة إلى القلوب,
فوجب علينا أن نحب ما أحب الله تعالى, ونبغض ما أبغض الله تعالى .


ومن خلال تقليب هذه الصفحات في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم ) وصحبه رضوان الله عليهم ,
تبين لي كيف كانوا يجمعون بين الأمرين الفرح والألم,

وبهذا وجب علينا في يوم العيد أن نفرح , وفرحتنا لا تنسينا أبدا جراحنا وآلا منا,
بل هي فرحة نستعلي بها على نفوسنا وعلى مصائبنا وعلى أعداءنا- الذين يتربصون بنا ويترصدون ويرقبون دمعتنا -
فرحة نعلن من خلالها للدنيا كل الدنيا,
أننا لله تعالى, فرحتنا لله ,وحزننا لله ,
(قل إن صلاتي ونسكى ومحياي لله رب العالمين)

الثلاثاء، ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٧

حقوق الأغلبية فى البلاد الإسلامية

بقلم :-صــــــــــــلاح شنــــــــــــــان
هناك دعوات صارخة في كثير من أنحاء العالم, تطالب الدول الإسلامية وفى القلب منها الدول العربية ,
باحترام حقوق الأقليات غير الإسلامية التي تعيش في بلاد المسلمين,
مدعين أنهم مجردين من ابسط حقوقهم, وأنهم في حالة رعب دائم من الأغلبية التي يعيشون في وسطها منذ آلاف السنين, وكأن الأغلبية في البلاد الإسلامية تنعم بكامل حقوقها .
إن الأقليات في العالم الإسلامي تريد أن تمارس نوعا من الاستبداد, والتعدي على كل حقوق وثوابت الأمة وقيمها وأخلاقها , تريد أن تحرم عليهم أن يتحاكموا إلى كتاب الله وشرعه ,
وتريد أن تحذف المادة الثانية في دساتير كثير من البلاد الإسلامية , وهى أن الإسلام دين الدولة الرسمي ,وان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع,
فكلما نادت الأغلبية بحقها الطبيعي في تطبيق الشريعة الإسلامية, نادت الأقليات وأين نحن ؟وكيف نعيش في ظل الشريعة الإسلامية؟ حقوقنا سوف تهضم, سوف نظلم, سوف نضطهد .
وانساق معهم وفى فلكهم كل مستبد يريد أن يحرم الأغلبية من حقها في ذلك, ويمارس عليهم استبدادا مرفوضا ,ويقولون وأين حقوق النصارى إن في البلد أقليات.
وكأن الشريعة الإسلامية هي شريعة الظلم والإستبداد, رغم أنهم وغيرهم عاشوا في كنفها ,وأمنوا في رحابها ,
ولم يأمنوا في أي مكان في العالم إلا في ظلها وعدلها وقسطها ,
ولكنهم دائما وأبدا لن يقروا بفضل الإسلام عليهم وعلى العالم أجمع ,
وإذا أرادت الأغلبية في العالم الاسلامى, أن ينال أبنائها قسطا من التربية الإسلامية في مدارسهم,
وان تكون التربية الإسلامية من المواد الأساسية, حتى تزرع في أبنائها قيم وأخلاق الإسلام العظيمة التي تؤمن بها ,
تسمع الصرخات والصيحات هنا وهناك, والأقليات والنصارى أين هم؟ وكيف ستدرس التربية الإسلامية في المدارس وفيها من النصارى من فيها ؟؟
فيحرمون ويجرمون على أبناء الأغلبية أن يدرسوا دينهم, ويتعلموا أخلاق دينهم .
ألا يعد هذا استبداد من كل النواحي؟؟؟
إذا أرادت المرأة أن ترتدي حجابها الذي فرضه الله عليها,
سمعنا الأقليات ومن يدور في فلكها من العلمانيين والمرتزقة, ينادون بأعلى صوتهم ,
أوقفوا هذه الظاهرة , يجب الوقوف في وجهها وصدها , يجب محاربتها والتصدي لها كما سمعنا من يقول (اننى سوف احزم حقاءبى وارحل عن مصر إذا وصل الإسلاميون إلى الحكم , وان ظاهرة الحجاب في مصر ظاهرة غريبة على المجتمع المصري ) والآخر الذي يريد أن ينشا قناة فضائية, يحارب بها الحجاب ,وهذه الظاهرة التي انتشرت في مصر.
وكأنه مباح للجميع أن يمارس حقوقه إلا المسلمين في بلادهم, وذلك من اجل الأقليات في بلادنا ,
ولا أعرف ما الذي يضير النصارى وغيرهم في البلاد الإسلامية من الحجاب؟ وممن ترتدي الحجاب؟ وتطيع أمر ربها وتعاليم دينها؟
وحتى لما طرحت جماعة الإخوان المسلمون برنامجها السياسي , وأكدت فيه مرجعيتها الإسلامية,
صرخ من صرخ وصاح من صاح , والنصارى والأقباط والأقليات, كيف سيعيشون في ظل هذه المرجعية ,
وكأنهم لم يعيشوا في ظلها من قبل وينعموا بخيرها وبركتها مع المسلمين .
مع أن برنامج الحزب الذي طرحته الجماعة, أكد على حق المواطنة,
وان المواطنين متساوون جميعا أمام القانون, ومتساوون في الحقوق, وفق القاعدة الإسلامية (لهم مالنا وعليهم ما علينا) ولهم كل الحقوق السياسية التي كفلها الدستور لكل المواطنين ,ليس هناك تفريق أو تمييز بسبب الدين أو الانتماء السياسي أو الفكري, فجميع المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية يكفلها القانون وفق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص,
ومن حق الأقباط وغيرهم لأنهم شركاء في الوطن أن يتولوا كل مناصب الدولة, ماعدا الرئاسة
حيث اختارت الجماعة نظام الدولة رئاسيا برلمانيا,
اعترض من اعترض وقال والأقباط لماذا لم يترشحوا ويتولوا الرئاسة أيضا؟ أليسوا مواطنون ؟
وهذا أمر غريب وعجيب, أن يطالب هؤلاء بالمستحيل في ظل وجود أغلبية مسلمة تريد أن تحدد لنفسها هوية وطنها وبلدها ,
ومعروف طبعا أن هويتنا وهوية البلاد العربية هي الهوية الإسلامية, لأن الأغلبية هي المسلمة ,ومن حق الأغلبية أن تحدد هويتها كما تريد,
ولا تفرض عليها الأقلية هوية لا ترغب فيها وترفضها, إلا إذا كان هذا استبدادا واستعبادا ,وهضما لحق الأغلبية يطالب به هؤلاء,
ولماذا لم نسمع صياحهم واعتراضاتهم على سياسات الدول الغربية تجاه الأقلية المسلمة هناك ؟
ألم يقل "توني بلير" -رئيس وزراء بريطانيا السابق- بطريقة سخيفة: (إما أن يقبل المسلمون قيمنا أو يتركوا بلادنا)؟
لماذا لم تسمح دولة الفاتيكان بتولى المسلم الرئاسة فيها ؟ذلك لأن الأغلبية من النصارى فيها من حقهم أن يختاروا هويتهم ويختاروا أيضا من يمثلهم, وينص دستورهم على ذلك.
وكذلك الأمر في إسرائيل ,
ألم تختار اليهودية هوية لدولتها المزعومة؟ هل من حق المسلم أن يتولى الرئاسة فيها ؟
أمور عجيبة وغريبة نسمعها من البعض بين كل فترة وأخرى, ليس لها هدف إلا إثارة الفتنة ,وتشويه الصورة المضيئة للشريعة الإسلامية, التي فيها السعادة والهناءة للجميع,

إن الأغلبية يجب أن تحظى بحقوقها كاملة في بلادها,ولا تحرم من حقها بسبب استبداد الأقلية,
التي تمارس هذا الإستبداد فكريا, وأيضا سلوكيا مستقوية بالخارج , وأيضا بعلمانيين الداخل, وهم أيضا أقلية متسلطة مستبدة, تريد أن تسلب الشعوب حقوقها, وتمارس عليها استبدادها ,بعناوين وأسماء براقة, لا تخدع إلا الجهلة والسذج من الناس.
أقول هذا الكلام في ظل واقع تعيشه الأغلبية المسلمة في بلادها لاتملك أيضا حق تقرير مصيرها, ولا تملك أن تختار من يمثلها ويحكمها , ولا تملك أن تحدد هويتها وتختارها بإرادتها الكاملة .بل تفرض عليها مرة العلمانية, ومرة أخرى الاشتراكية والرأسمالية, عناوين ترفضها الأغلبية, ولا تريد إلا عنوانا واحدا وهوية واحدة هي الإسلام ولا بديل عنه
.صيحة حق © 2008 | تصميم وتطوير حسن